للتغذية الاثر الكبير فى صحة الافراد و الجماعات اذ ان الجسم يتكون من عدة انسجة و كل نسيج يتركب من ملايين الخلايا الحية
و لا بد لكل خلية من هذه الخلايا لكى تؤدى وظائفها من الحصول على العناصر التى تغذيها و الا توقفت عن العمل فيتأثر الجسم كله بتوقفها و تدب اليه الشيخوخة بمختلف اعراضها فثلا اذ لم تحصل الانسجة التى تنتج كرات الدم الحمراء فى الجسم على العناصر الكافية لتغذيتها فان انتاجها من هذه الكرات الدموية يقل و نتيجة لذلك تقل نسبة الاكسجين الذى تحمله الى اجهزة الجسم المختلفة لتستطيع مواصلة عملها و سعان ما تضطرب هذه الاجهزة فيؤثر اضطرابها فى جميع اعضاء الجسم و تظهر عليه اعراض الضعف من شحوب فى الوجه و ضعف فى الجسم
و قد اجريت عدة ابحاث على الاغذية المختلفة التى تتناولها الجماعات و الشعوب و التى نقدمها لك فى اكلات فثبتت تلك الابحاث بما لايدع مجالا للشك ان ثمة علاقة قوية بين نوع لطعام و صحة الافراد و الجماعات و تركيبهم البدنى
لقد اجرى الباحث ( جون اور ) عدة ابحاث على تغذية الشعب الانجليزى فقسمه الى عدة مجموعات تبعا لدخل الاسرة فاثبت بعد الدراسات الاحصائية و الاجتماعية العديدة ان متوسط اطوال الشبان و الاطفال فى هذه الطبقات المحدودة الدخل يقل عدة بوصات عن شبان و اطفال فى نفس الاعمار و لكن ينتمون الى أسر أكثر دخلا و ان الامراض تنتشر فى اطفال الاسر المحدودة الدخل اكثر من انتشارها فى الاسر ذات الدخل الكبير
و لابراز اثر التغذية فى حياة الامهات الحوامل و الاطفال اجريت التجربة التالية :
فى تجربى على الحوامل اختير عدد منهن من طبقة واحدة و ظروف متشابهة و اعطيت لفريق منهن اغذية اضافية منذ الشهور الاولى و تتألف من لبن و بيض و برتقال و عصير طماطم و جبن و فيتامين د فاتضح ان الفارق فى التغذية بين الفريقين له اثر ملموس على صحة الأم و صحة الجنين
و فى تجربة فى تغذية الاطفال فى لندن اعطى فريق تلاميذ المدارس لترا و نصف لتر من اللبن يوميا بالاضافة الى الطعام العادة لمدة عام فكان متوسط زيادة اوزانهم سبعة ارطال و متوسط الزيادة فى الطول 2,63 بوصة فى حين ان رفاقهم الذين لم يقدم لهم اللبن كان متوسط الزيادة بينهم 3,9 ارطال فقط و متوسط الطول 1,84 بوصة
و فى باريس اجريت تجربة مشابهة اعطى فيها فريق من التلاميذ اللبن مرتين يوميا لمدة 6 اشهر فكان معدل الزيادة فى اوزانهم يزيد بنسبة 40 % للأولاد و 65 % للبنات عن امثالهم
و اخيرا فى موقعنا اكلات نقول ان : العقل السليم فى الجسم السليم و الجسم السليم لابد له من غذاء نظيف كامل التركيب و التكوين و لابد له من غذاء يقيه بفيتاميناته من بعض الاوجاع و الامراض و لابد له من غذاء يقويه و يجعله قادرا على مقاومة الامراض المعدية و غير المعدية و لا أدل على ذلك من تلك النكبة التى حلت بأرض الصعيد فى زمن سابق حين تفشت فيها الملاريا بشكل وبائى فقد أخذ هذا المرض يفتك بالناس فتكاً شديدا ً حتى كانت ضحاياه بالألوف و يعرف الكثيرون ممن تتبعوا أنباء هذا المرض فى ذلك الحين ان السبب الرئيسي لارتفاع نسبة الوفيات بين المصابين هو سوء التغذية و ذلك لان الاجسام الضعيفة لا تستطيع ان تقوام المرض كما تقاومه الاجسام القوية
و لا تتوقف اهمية التغذية على بناء الجسم و مقاومة الامراض بل تعد عاملا هاما لتقدم الشعوب و قدرتها على الانتاج و العمل المثمر و الأمة التى لا يستطيع افرادها ان يحصلوا على ما يلزمهم من الغذاء الكامل غير قادرة على الانتاج و العمل و ان انتجت فهو انتاج ناقص لا يرضى النفوس المتطلعة الى الكمال